الفتاوى واﻻستشارات » الاستشارات » كيف نستطيع كمؤسسات تطوعية أن نفعل دور الوقف في رفد الأعمال الخيرية ؟

كيف نستطيع كمؤسسات تطوعية أن نفعل دور الوقف في رفد الأعمال الخيرية ؟

كيف نستطيع كمؤسسات تطوعية أن نفعل دور الوقف في رفد الأعمال الخيرية ؟

الاستشارة: الاهتمام بنهضة الأمة في مشاريعها الخيرية المعتمدة على الأوقاف ذات الريع غير المنقطع من الأمور التي ينبغي أن تكون نصب عيني كل عامل في العمل الخيري، ولتفعيل هذا الجانب أقترح ما يأتي :

1- إقامة الندوات العلمية، وإنشاء الدوائر الشرعية التخصصية التي تنظر في نوازل الأوقاف، واستكتاب المختصين؛ للكتابة في مجالات وقفية متخصصة .

2- تفعيل الحملات الإعلامية - بصورها المختلفة- لإحياء نظام الوقف وفقهه في المجتمع من خلال إدراك أهمية الوقف، ودوره الفعال في نهضة الأمة .

3- توجيه شروط الواقفين إلى ما يخدم أولويات التوجهات المعاصرة للمصالح الشرعية، وبما يحقق إنعاش الحاجات العامة الملحة في المجتمع .

4- الاهتمام باختيار الناظر ذي الخبرة والأمانة؛ بما يسهم في الحفاظ على الوقف وعمارته، وتنميته، واستثماره، وصرف غلاته على ضوء أحكام الشرع وشروط الواقفين، وكفايته بأجرة المثل؛ لتكون عونًا له في الاهتمام بشؤون الوقف ومصالحه .

5-إيجاد الإدارة العامة أو الصناديق الوقفية التي تتولى الرقابة الشرعية والإدارية والمحاسبية على تصرفات الناظر بأساليب حديثة، وتنسق العلاقة بين نظارة الوقف والمؤسسات الحكومية والأهلية، والأصل في هذه الرقابة حديث ابن اللتبية المشهور، قال النووي - رحمه الله -: "فيه محاسبة العمال؛ ليعلم ما قبضوه وما صرفوا".

6-إعداد الخطط والنماذج الوقفية الناجحة مدعمة بالدراسات التي توضح أثر هذه الأوقاف؛ بما يحقق جذب الواقفين لها، ويمنع من أن تحول شروطهم دون تبني صيغ استثمارية جديدة تحقق أعلى معدلات النماء، وتحافظ على الأصول، وتخدم مجالات ملحة .

7- إيجاد أوقاف أخرى تدر على الوقف الأصلي وتضمن استمراره، أو حجز جزء من عائدات الوقف لصيانته من التلف أو النقص الواقع عليه بشرط ألا يضر بالحاجـات العاجـلة للموقـوف عليهم، ويستأنس في هذا الباب - إضافة للاستدلال بالمصلحة المرسلة للوقف- بقول الله تعـالى: (ثم ياتي من بعد ذلك سبعاٌشداد ياكلن مل قدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون)، قال القرطبي - رحمه الله -: "أي مما تحبسون لتزرعوا؛ لأن في استبقاء البذر تحصين الأقوات".

وقد حدد مشروع الوقف الكويتي نسبة ما يحتفظ به من عائدات الوقف كنفقات صيانة، جاء فيه ما نصه: "يحتفظ الناظر لأعمال العمارة بخمسة في المائة من صافي الريع السنوي للأوقاف التي من شأنها أن تحتاج إلى ذلك، بشرط أن لا يتجاوز مجموع ما يحتفظ به عن عشرين في المائة من صافي الريع" .

8-دعوة البنوك الإسلامية إلى توفير نظام خاص للتعامل مع الأوقاف، يُراعى فيه أهمية هذه الأوقاف وطابعها الخيري، وتقدم فيه التسهيلات اللازمة من دعم استثماري أو إقراض حسن .

9-بناء الثقة بين الواقف والمؤسسة الخيرية المتولية للنظارة على الوقف الخيري من خلال وضع الأنظمة واللوائح المناسبة لضبط هذه العلاقة، وصناعة الطمأنينة في نفوس المتبرعين .

10-إنشاء صندوق خيري يسعى لدعم المؤسسات الخيرية الناشئة؛ لتبني لها مشاريع وقفية، تضمن استمرارها وجودة أدائها، على أن يمول هذا الصندوق عن طريق القرض الحسن من المتبرعين أو المؤسسات الخيرية الكبيرة، أو يمول عن طريق المشاركات والاستثمارات .

11-فتح باب المساهمة في الوقف الجماعي، وهو من أنجح الوسائل لتوفير مبالغ كبيرة لا يجود بها متبرع واحد، مع ما فيه من التحرر من قيود الواقفين، وإخفاء صدقات المحسنين، وفي هذا المعنى يقول النبي r: " من بنى مسجدًا لله كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتًا في الجنة"، والشاهد في قوله r: "كمفحص قطاة"، والمراد أنه لو أسهم في بناء المسجد بهذا القدر من التبرع لكان له هذا الأجر العظيم .   

و السند الفقهي للوقف الجماعي: هو مسألة تعدد الواقفين والغرض واحد، أو اتحاد الوقف وتعدد الأغراض، قال السرخسي -رحمه الله-: " وإذا كانت الأرض بين رجلين، فتصدقا بها صدقة موقوفة على بعض الوجوه التي وصفناها، ودفعاها إلى ولي يقوم بها كان ذلك جائزًا؛ لأن مثله في الصدقة المنفذة جائز إذا تصدق رجلان على واحد، والمعنى فيه أن المانع من تمام الصدقة شيوع في المحل، ولا شيوع هنا، فقد صار الكل صدقة مع كثرة المتصدقين بها".

وقد اتجهت غالب المؤسسات الخيرية إلى استحداث مشاريع وقفية تحتاج لرؤوس أموال طائلة، لكنها تدر ريعًا يساهم بشكل كبير في تغطية الأعمال الخيرية، وحتى يجتمع رأس المال اللازم لتنفيذ هذه المشاريع، تم تقسيمه إلى حصص متساوية تسوّق على مجموعات كبيرة من المتبرعين، تصل من خلالها المؤسسات الخيرية إلى القدرة على وقف عدد كبير من المشاريع، وفي تفعيل هذه الوسيلة نتائج كبيرة من شأنها أن تدعم العمل الخيري، فمن ذلك :

‌أ-  إحياء سنة الوقف، وإعادة دوره التاريخي في دعم وجوه البر والإحسان .

‌ب-    نقل القدرة على الوقف إلى عموم المسلمين، فيتيسر لكل مسلم أن يوقف سهمًا أو عددًا من الأسهم في مشاريع كبيرة وكثيرة؛ يُكتب له أجرها عند الله .

‌ج-  الاستفادة من خبرات كثيرة، نظرًا لاشتراك مجموعة كبيرة من الأفراد في الوقف الجماعي .

‌د- تيسير طرح الأسهم الوقفية على الجمهور، وتنوعها إلى فئات مناسبة لظروف المتبرعين، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في الحصول على مصادر مالية لتغطية الاحتياجات، أو لتمويل الاستثمارات، أو زيادة الأصول الوقفية مستقبلاً .

‌ه- تسهيل القدرة على شراء السهم من خلال دفع قيمته دفعة واحدة، أو عن طريق الاستقطاع الشهري، مما يوسع دائرة المتبرعين.

‌و-  التخلص من شروط بعض الواقفين القسرية، والتي تمنع من الإفادة من الوقف بالصورة المثلى، أو تمنع من صرفه فيما هو أعظم حاجة وأكبر منفعة، بل قد تلجأ بعض المؤسسات الخيرية إلى أن تجعل مصارف الأوقاف السهمية مطلقة تحددها الاحتياجات وفقًا لما يستجد من حاجة المجتمع، أو تجعلها مقسمة على عدة مشاريع .

‌ز-  فتح المجال لاستثمار الأوقاف من خلال صناديق الاستثمار الوقفية، والتي تجمع أموالاً كثيرة، تستثمر في مجالات ربحية متعددة.

  والله ولي التوفيق .

حقوق النشر محفوظة لدى موقع الشيخ طالب بن عمر الكثيري (©)