فتوى 21

فتوى 21

[السؤال]:

ما الحكم في تجار في المناطق التي يسيطر عليها الحوثي أرادوا بيع العملة اليمنية الجديدة -والتي يرفض الحوثي التعامل بها في المناطق تحت سيطرته- بعملة يمنية قديمة. يشترونها من التجار في المناطق المحررة، ويزيدون أصحاب العملة القديمة مائتي ريال في كل ألف ريال بالعملة القديمة؟

 [الجواب]:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن تجارة العملات من التجارة المباحة، غير أنه يشترط لإباحة المتاجرة بها: التقابض في مجلس العقد؛ لما ثبت في صحيح مسلم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثلٍ، سواءً بسواء، يداً بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيدٍ".

والذهب والفضة وإن كانا الأصل في النقد إلا أن التعامل بهما اختفى في الواقع، واكتسبت العملة الورقية - رغم أن قيمتها ليست في ذاتها- الثمنية وقوتها الاعتبارية من جهة حصول الثقة بها، كوسيط في التداول والتبادل، فحلت محل الذهب والفضة في التعامل بها، وصارت تُقوَّم بها الأشياء، وتدفع بدلًا عن المتلفات، وتطمئن النفوس بتمولها وادخارها، ويحصل الوفاء والإبراء العام بها.

وبما أن علة الربا في الذهب والفضة هي مطلق الثمنية فإن ذلك غير مقصور عليها، بل هو جار أيضًا في العملة الورقية، وقد قرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي أن العملة الورقية نقد قائم بذاته، له حكم النقدين من الذهب والفضة، فتجب الزكاة فيها، ويجوز جعلها رأس مال في بيع السَّلم والشركات، ويجري الربا عليها بنوعيه، فضلًا ونسيًّا، كما يجري فيهما تماماً، وبذلك تأخذ العملة الورقية أحكام النقدين في كل الالتزامات التي تفرضها الشريعة فيها.

كما قرر أن الورق النقدي أجناس مختلفة، تتعدد بتعدد جهات الإصدار في البلدان المختلفة، بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس، وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته، وبذلك يجري فيها الربا بنوعيه فضلاً ونسياً، كما يجري الربا بنوعيه في النقدين الذهب والفضة وفي غيرهما من الأثمان.

وبهذا يتقرر ما يلي:

(أ) أن الورق النقدي اليمني بنوعيه القديم والجديد جنس واحد؛ لاتحاد جهة الإصدار والوثوق بها، ولا يخرجه القدم أو الحداثة عن كونه جنسًا واحدًا، لأن الحكومة اليمنية -وهي من له الحق في الاعتماد- ألحقت العملة القديمة بالعملة الجديدة في الاعتبار، ولأن النقد هو كل شيء يجري اعتباره في العادة أو الاصطلاح بحيث يلقى قبولا عاما كوسيط للتبادل.

وهذه العملة الجديدة التي محل اعتبار كوسيط عالمي في التداول والتبادل للاعتراف الدولي بشرعية الدولة المصدرة، وإلغاء الحوثي للورق النقدي الجديد غير معتبر؛ لأنه لغرض الندية والمكايدة السياسية للحكومة اليمنية؛ وإلا فهم يعتمدونها في الباطن، ويحلون لأنفسهم ما يحرمونه على غيرهم، بل أصبح التكسب بفوارق الصرف حصرًا عليهم، ودولة بين الأغنياء منهم، وسبيلًا للثراء الفاحش بينهم.

(ب) لا يجوز بيع الورق النقدي اليمني القديم بالنقد الورقي الجديد مع التفاضل، سواء كان ذلك نسيئة أو يدًا بيد؛ لأن النقد اليمني بنوعيه القديم والجديد جنس واحد، فيشترط فيهما التماثل والحلول والتقابض؛ لاتحادهما في الجنس والعلة.

(ج) يجوز التفاضل في بيع الورق النقدي اليمني بغيره من الأجناس النقدية الأخرى من ذهب أو فضة أو غيرهما من العملات كالدولار والجنيه، لكن بشرط التقابض.

المجلس العلمي للإفتاء برابطة أهل الحديث

حقوق النشر محفوظة لدى موقع الشيخ طالب بن عمر الكثيري (©)