فتوى 25

فتوى 25

نوازل كورونا في الجنائز

 السؤال:

بسبب النازلة الجديدة (فيروس كورونا كوفيد 19) تخوف الناس من تغسيل المصابين بهذا الفيروس أو المشتبه بإصابتهم به، فتطلب الأمر سؤال أهل الذكر عن حكم تغسيلهم، وبقية لوازم التجهيز من التكفين والحمل والدفن والصلاة، فما هو اللازم شرعًا - أثابكم الله -؟

 الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد كرم الله بني آدم وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا، ومن وجوه تكريم ابن آدم: أن الله عز وجل بعد أن أحياه أماته فأقبره، أي: أكرمه بالدفن، فأمر به ومكَّن منه، ولم يجعله كسائر الحيوانات التي تكون جيفها ملقاة على وجه الأرض تأكلها الطير والسباع، وأما حرقه -كما يفعل بعض الوثنيين- فمناف للتكريم، على ما فيه من البشاعة والشناعة.

وزاده ربه في التكريم بأن شرع قبل الدفن أحكاما تخص المسلم؛ مثل التغسيل والتكفين، ونظرًا لنازلة وباء (فيروس كورونا كوفيد 19)  فقد صار  تطبيق عدد من تلك الأحكام محل إشكال ومثار تخوف قد يفضي للعجز والتعذر ،  ويمكن لنا إجمال الحكم الشرعي في تلك المسائل بما يلي:

1- نظرا لاحتمالية العدوى أثناء التعامل مع الجثمان وذلك من طريق إفرازات الجثة من منافذها المعتادة كما قررته المنظمات الدولية في المجال الصحي والخبراء واعتمدته كثير من وزارت الصحة في البلاد العربية والإسلامية فإننا نوصي  بوجوب التزام الاجراءات الاحترازية للتعامل مع حالات الوفاة المصابة بالفيروس.

وينبغي أن يتولى التغسيل وبقية الإجراءات جهة مختصة في المستشفيات، أو مغاسل الموتى بإشراف مختصين، أو يتولى ذلك فريق طوعي مؤهل ومتدرب، ويعد ذلك من واجبات جهات الاختصاص المسؤولة. 

مع التزامهم التام بسبل الوقاية؛ من لبس كمامات وقفازات وملابس واقية ونظارات وأحذية مغلقة وأدوات تعقيم شاملة. يتلوها التخلص من هذه اللوازم بعد كل استخدام مباشرة وبطريقة سليمة، واغتسال الأشخاص الذين تولوا تغسيل الجثة.

 

2 - تلزم الطريقة الشرعية في كيفية التغسيل عند إمكانها، وإلا فبحسب الإمكان مع التسديد والمقاربة؛ كرش الجثة من بعد أو غمسها في حوض ماء مخصص ونحو ذلك، فإن الواجبات الشرعية منوطة بالقدرة والتيسير، والمشقة جالبة لليسر في مواردها ، كما يوصي أهل الخبرة أيضا  باستعمال الماء المعقم بمادة الكلور للغسيل.

 

3-من لوازم السلامة : إدراج الجثة بعد تكفينها -إن تيسر- في كيس طبي محكم، ثم يتولى حملها للدفن عدد محدود يقوم بهم الواجب.

4 -أما بالنسبة للصلاة على الميت: فأداؤها في غير المساجد أقرب للسلامة، ولا داعي للتجمهر من أجل الصلاة عليه؛ لأنها فرض كفاية عند جمهور أهل العلم، وقد جوز بعض الشافعية والحنابلة صلاة الغائب إذا شق الحضور لشهود الجنازة، وترك التجمهر للصلاة في هذه الحالة أولى؛ لما يترتب على الحضور من المخاطر المحتملة.

 

5 -نوصي بمنع تقبيل المصابين أحياء وأمواتا، وملامسة جثامينهم، وعقد مجالس العزاء عليهم؛ لما يترتب على ذلك من المخالطة والمصافحة والمعانقة، وانتشار رقعة العدوى عند وجود مصاب لم تظهر عليه الأعرض بعد، فيشتعل الوباء فيهم كاشتعال النار في الهشيم.

 

6 -نؤكد على أن المحافظة على سلامة الأحياء مقدمة في قواعد الشرع على إقامة السنة أو الواجب في حق الأموات، فإذا لم يتوافر الكادر الطبي المتخصص أو المدرب على التعامل الصحيح مع الجثة تغسيلًا وتكفينًا وحملًا ودفنًا، لم يلزم تكلف التغسيل والتكفين، بل الواجب تركه لما فيه من تعريض النفس للهلكة، ويقع الدفن ومواراة الجثمان بأقرب الطرق إلى السلامة، والأمر كذلك فيما إذا توافر الكادر الطبي ولم تتيسر لوازم الوقاية والتعقيم، أو تيسرت وليس فيها كفاية.

 

7 -فيما لو اشتبهت الجثة المصابة بالوباء بغيرها - نظرا لضعف، أو تقصير في عمل الفحوصات المميزة لطبيعة الوفاة- فيغلب جانب الحيطة،  وتقام المظنة مقام المئنة والتحقق، ويتعامل مع الجثة كما أسلفنا نظرا للتفشي الكبير للوباء وسرعة انتقاله، وضعف الإمكانات في كشفه.

نسأل الله بمنه وكرمه أن يكشف الكآبة، ويدفع البلاء والوباء. والله تعالى أعلم.

 

المجلس العلمي للإفتاء برابطة أهل الحديث

         

 

نستقبل أسئلتكم على العناوين التالية :

 البريد الإلكتروني :   almagles.alellmi@gmail.com

صفحتنا على الفيسبوك : المجلس العلمي للإفتاء والبحوث 

وتويتر : المجلس العلمي 

والواتساب

حقوق النشر محفوظة لدى موقع الشيخ طالب بن عمر الكثيري (©)