فتوى 29

فتوى 29

ضرب الدُّنبُك في أعراس النِّساء

《السؤال》

ما حكم ضرب الدُّنبُك في أعراس النساء؟  

  [الجواب]:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

✒️فإن الأصل في جميع آلات المعازف التحريم؛ لما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِر والحرير والخمر والمعازف"، قال المناوي: "وفيه أن آلة اللهو حرام، ولو كانت حلالا لما ذمهم على استحلالها".

 والمعازف: آلات تستعمل لصناعة أصوات لها نغم مطرب، تستلذ به الأذن؛ سواء كانت تصنع بالضرب، أو النفخ، أو التحريك. يقول ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان: "المعازف هي آلات اللهو كلها، لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك".

والدنبك أو الدربكة أو الدربوكة آلة لهو معروفة، وهي الكوبة والكَبَر، من أنواع الطبول، كما صرح به غير واحد، وهو طبل طويل مخصر مغشى من أحد طرفيه.

والراجح تحريم الدنبُك في النكاح وغيره؛ لأنه لم يرخص في النكاح إلا في الدف، فقد روى أحمد وأبو داود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لوفد عبد القيس: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيَّ، أَوْ حُرِّمَ الْخَمْرُ، وَالْمَيْسِرُ، وَالْكُوبَةُ" قَالَ سُفْيَانُ: فَسَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ بَذِيمَةَ عَنِ الكُوبَةِ، قَالَ: الطَّبْلُ .

والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.

قال القرطبي رحمه الله: "أما المزامير والأوتار والكوبة فلا يختلف في تحريم استماعها، ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك، وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق، ومهيج الشهوات والفساد والمجون؟! وما كان كذلك لا يُشك في تحريمه ولا تفسيق فاعله وتأثيمه".

وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم في ضرب الدف للنساء في العرس؛ كما دل عليه حديث: "فصل ما بين الحرام والحلال الدف والصوت"، أخرجه الترمذي، وفي العيد؛ كما دل عليه حديث "أن جاريتين كانتا تدففان وتضربان في أيام منى، فانتهرهما أبو بكر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعهما يا أبكر؛ فإنها أيام عيد" أخرجه البخاري.

والرخصة الخارجة من المنع لا تتعدى محلها، ولما كان (الدُّنبُك) يفارق الدف؛ بأن له صندوقا صوتيا، وهو تجويفه الذي يجعل الصوت أقوى، وأشد إطراباً من الدف؛ فتستطربه النساء أكثر، ويتأثرن به أشد من تأثرهن بالدف لم يدخل في رخصة الجواز، وبقي على أصل المنع، والله أعلم.

      ➖➖➖

حقوق النشر محفوظة لدى موقع الشيخ طالب بن عمر الكثيري (©)