ما حكم أن يطلب الإنسان من الأغنياء التبرع لجهات الخير والفقراء، هل هذا من السؤال المذموم ؟
ما حكم أن يطلب الإنسان من الأغنياء التبرع لجهات الخير والفقراء، هل هذا من السؤال المذموم ؟
الجواب: اختلف أهل العلم في حكم السؤال للغير على قولين، أقربهما الجواز، وهو مذهب المالكية، والشافعية، ورواية عند الحنابلة، وتدل على ذلك أدلة، منها :
أ- ما أخرجه مسلم عن جرير t في حديث المضريين، وفيه قول النبي r: "تصدق رجلٌ من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صـاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة"، وعند الطبراني والبيهقي زيادة: "تصدقوا قبل أن لا تصدقوا، تصدقوا قبل أن يحال بينكم وبين الصدقة، تصدق امرؤ من ديناره من درهمه..."، وعند الطحـاوي: " ليتصدق الرجل من ديناره ".
ب- وما أخرجه مسلم عن قبيصة t، وفيه: "يا قبيصة، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجلٌ تحمل حمالةً فحلت له المسألة حتى يصيبها، ثم يمسك"، الحديث .
ج- ويستدل لهم كذلك: بأن قضاء الحاجات، وتفريج الكربات أقل أحواله الندب، وسؤال المقتدرين ذلك من وسائل القيام بهذه المقاصد، والوسائل لها أحكام المقاصد .
وأما ما جاء من النهي عن ذلك؛ كحديث سمرة t عن النبي r قال: "المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه، فمن شاء أبقى على وجهه، ومن شاء ترك، إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان، أو في أمرٍ لا يجد منه بدا "، أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي، فيدل على جواز السؤال عند الحاجة الملحة أو الضرورية؛ سواء أكانت هذه الحاجة للمسؤول أو لغيره، وقد كانت العرب تعد ذلك من المفاخر؛ خصوصًا سؤال الديات وتحمل الحمالات عن الغير .
والقول بجواز السؤال للغير مشروط بآداب السؤال، ومن ذلك: ألا يلح في المسألة، ولا يؤذي المسؤول بسؤاله، وأن يسأل على قدر الحاجة، وأن يغلب على ظنه أنه يُعطى، وألا يكون الباعث على الإعطاء الحياء، وألا يذل نفسه بأكثر من ذل السؤال، وعليه فتحمل كراهة بعض أهل العلم، وذمهم للسؤال - ولو للغير- على الوقوع في بعض ما سبق، والله أعلم .