فتوى 11

فتوى 11

السؤال: معلمة في دور ذوي الاحتياجات الخاصة تسأل عن حكم تعاملها مع الطلاب المصابين بمرض متلازمة داون (الطفل المنغولي)، حيث يعانقها بعض الطلاب عند دخولها إلى الصف، ممن بلغوا الثالثة عشر ونحوها،  فهل تتعامل معهم على قدر عقولهم أم على قدر سنهم ؟

 

الجواب : لا يحل للمعلمة أن ترضى بمعانقة أمثال هؤلاء الطلاب؛ لأنهم بلغوا سنًا يُشتهى الطفل فيه عادة، ولكونها بالغة مكلفة، وإن لم يكن هم كذلك، والله تعالى يقول في شأن النساء: ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن) ، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: " لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"، أخرجه الطبراني،  ويقول: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"،  متفق عليه،  وإذا كان هذا في شأن النظر واللمس فأمر المعانقة أشد.

  ومما يتصل بهذا السؤال بيان حكم احتجاب هذه المعلمة عن طلابها المصابين بهذا المرض،  فالأصل احتجاب المرأة المسلمة عن الرجل البالغ الأجنبي، والمراهق، والطفل المطلع على عورات النساء، ويستثنى من ذلك في شأن المسؤول عنه إن كان قد بلغ درجة شديدة من الإصابة بالتخلف العقلي؛  بحيث :

 ١) لم يظهر من كلامه وتصرفاته أن له ميلاً وشهوة للنساء؛ بنظرات أو لمسات الريبة أو نحو ذلك، فأمنت الفتنة من جهته؛  كما قال تعالى: (أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء)، قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: هو المغفل الذي لا شهوة له، وقال مجاهد: هو الأبله،  وقال القرطبي بعد أن ساق أقوالاً في معناه: "وهذا الاختلاف كله متقارب المعنى، ويجتمع فيمن لا فهم له، ولا همة ينتبه بها إلى أمر النساء".

 ٢) ولا يميز بين المرأة الجميلة من غيرها؛  بحيث يحسن وصفها لغيره؛ لما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث، فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، قال: فدخل النبي صلى الله عليه وسلم يوماً، وهو عند بعض نسائه، وهو ينعت امرأة، قال: إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ألا أرى هذا يعرف ما هاهنا، لا يدخلنّ عليكن"، قالت: فحجبوه، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٣٣٦/٩) : " ويستفاد منه حجب النساء عمن يفطن لمحاسنهن، وهذا الحديث أصل في إبعاد من يستراب منه في أمر من الأمور" .

 وبهذين الأمرين يجوز للمعلمة ترك الاحتجاب عنه كتركه عند محارمها وعند الأطفال، والله أعلى وأعلم.

 

حقوق النشر محفوظة لدى موقع الشيخ طالب بن عمر الكثيري (©)