فتوى 13

فتوى 13

السؤال: أقرضني رجل مبلغ 60 ألف ريال يمني بما يعادل ألف ريال سعودي قبل أشهر، والآن يطلب مني سداد المبلغ الذي أخذته منه بالريال السعودي، لأن الصرف اليمني نزل، فهل يصح ذلك؟
ولو أنه أقرضني بالريال السعودي على الصرف القديم، ووقت السداد طلب مني السداد بالريال السعودي، لكنه ارتفع في مقابل الريال اليمني، فما الذي يلزمني؟

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الأصل في سداد الدين أن يكون بنفس العملة التي أخذ بها ما دام التعامل بها جاريا،
وفي قرار مجمع الفقه الإسلامي: (العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل وليس بالقيمة، لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أيا كان مصدرها بمستوى الأسعار).
ويقول القرار عن ربط الديون بقيمتها: (لا يجوز شرعا الاتفاق عند إبرام العقد على ربط الديون الآجلة بشيء مما يلي: الربط بمؤشر تكاليف المعيشة أو غيره من المؤشرات، الربط بالذهب والفضة، الربط بعملة أخرى، الربط بسعر الفائدة). انتهى.
وأفاد أن الربط بهذه الأشياء يؤدي إلى غرر وجهالة، بحيث لا يعرف كل طرف ماله وما عليه ويؤدي إلى عدم التماثل بين ما في الذمه وما يطلب أداؤه،
وهذا كله يؤدي إلى الظلم والتنازع والاختلاف مع تنبيه السائلين على أن حسن القضاء يقتضي مراعاة النقص عند قضاء الدين، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن خياركم أحسنكم قضاءً" رواه البخاري ومسلم.
وبناء على ما تقدم يلزم المقترض في الحالين المسئول عنهما أداء ما اقترضه بالعملة التي أخذها، سواء ارتفع صرفها مقابل غيرها من العملات أو رخص، لأن أي زيادة على الدين بعد استقراره في الذمة فهي من الربا، وهو مذهب جماهير العلماء.
وننبه إلى أنه يجوز أن يسدّد الدَّين بغير العملة التي اقترض بها إذا اتفقا على ذلك وتراضيا عند السّداد لا عند القرض، أو أثناء مدة القرض بشرطين:
▪الأول: أن يكون بسعر يومه عند السداد، فالعبرة بسعر العملة وقت السّداد لا بالسعر الذي كان يوم القرض.
▪الثاني: أن يكون القبض عند السّداد قبل الافتراق، وأن لا يفارقه وقد بقي شيءٌ حتى لا يقع في ربا النسيئة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عبادة بن الصامت عند مسلم: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد"، والعملات الورقية تقوم مقام الذّهب والفضة، فيجري فيها ربا النسيئة،
ولا بأس من الاحتياط بأن يجعل القرض بالعملة الأكثر استقرارا عند اضطراب الصرف أو خشيته.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.


 

حقوق النشر محفوظة لدى موقع الشيخ طالب بن عمر الكثيري (©)