فتوى 18

فتوى 18

 السؤال:  *ماذا يقول السادة العلماء في الرجل المدعي المهدوية بصنعاء؟*
 
 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، أما بعد:
فإن المسئول عنه محمد عبده صلاح الحودلي رجل مفتون يتزعم حركة أطلق عليها اسم "حركة أنصار المهدي" أعلنت عن نفسها في مؤتمر عام في إحدى القاعات بصنعاء بتاريخ 28 نوفمبر 2017م.
تزعم هذه الحركة كما نظَّر لها زعيمها الحودلي أن المهدي الذي كان منتظرًا لم يعد منتظرًا، وأنه بين ظهرانيهم حي يرزق، بل لا يمر موسم حج إلا وهم يتوقعون خروجه بعده على إثر فتنة تحصل، والأدهى والأمر أن كثيرًا منهم يعينونه بشخصه ويزعمون أنه الحودلي، وأنه قد اجتمعت فيه عشرات الصفات، حتى قال قائلهم: إذا لم يكن الحودلي هو المهدي فليس لله في الأرض مهدي.
 وقد عظمت بهذا المخذول الفتنة، وسارت بسبب وسائل التواصل الاجتماعي مسير الشمس، وأصبح له نواب في عدد من الدول يستلمون البيعة، ونصها: "أنا فلان بن فلان أبايع بيعة مخصوصة على مشروع نصرة المهدي، والله على ما أقول شهيد"، ويسمون هذه البيعة "بيعة تهيئة المهدي"، وهي بيعة مبتدعة، ويقولون: البيعة الأصل ستكون بمكة ما بين الركن والمقام.
وخلاصة ما استبان في أمر هذا الرجل الآتي:

1- أصيب الحودلي في مسيرته الحياتية بمس شيطاني،
وبلغ من تأثيره فيه أنه كان يمشي عاريًا في الشوارع،
وكان الشيطان المتلبس به يصور له المسيح الدجال، ويريه الجزيرة التي هو فيها.
ولعل لهذا تأثير غير مباشر  على تماديه في غيه، ولذلك يستحسن عرض الرقية عليه، لعل الله أن يكتب له الشفاء والعافية.
ومن الناحية الفكرية فهذا المخذول في إحدى تحولاته الفكرية كان من أشد الغلاة حدادي النزعة،

وكان من لوازم عقيدتهم الدعوة إلى تحريق فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله وشرح صحيح مسلم للإمام النووي رحمه الله ونحوها من الأمهات؛ بحجة أن مؤلفيها أشاعرة مبتدعة، وأنهم ضمنوا هذه الكتب بدعهم.

2- أنه يستشرف للمهدوية ويسوقها بين أتباعه الرعاع بالكذب تارة، وبالتلبيس أخرى.
~فمن تسويقها بالكذب:~

 تلاعبه باسمه، وادعاؤه أنه هاشمي النسب، وهو أمر لم يدعه أحد من أقاربه، ويحاول التغيير في صفاته لتطابق صفات المهدي، فيدعي تارة أنه حسن التهامي، وأخرى أنه الشريف حسين بن غالب، وثالثة أنه محمد عبده الحودلي.
ولا غرابة فقد أثر عن الرجل ما هو أقبح من ذلك وهو الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكأنه لم يسمع بالوعيد الوارد في الحديث المتواتر المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "من كذب علي متعمدًّا فليتبوأ مقعده من النار".
ومن تلبيسه أنه لا يصرح لأتباعه بمهدويته إلا أنه يتلطف في ادعائها ويوحي لأتباعه بذلك بإيحات أقنعت من حوله بالاعتقاد الجازم بأنه المهدي.
 فقد شهد بعض من يعرفه أنه يختار من صفات المهدي وينتقي منها ما يمكن القول أنها فيه ومنطبقة عليه، كادعاء النسب الهاشمي، وكون ولده اسمه القاسم وهو من غيَّره من مرتضى إلى القاسم.

 وهو بهذا يترسم خطى دعاة المهدوية من قبله كابن تومرت، فإنه قبل ادعائه أنه المهدي "أخذ يذكر المَهْديّ ويشوّق إليه، وجمع الأحاديث الّتي جاءت في فضله، فلّما قرّر عندهم عَظَمة المهديّ ونَسَبه ونعته، ادّعى ذلك لنفسه، وقال: أنا محمد بن عبد الله، وسرد له نَسَبًا إلى علي عليه السلام، وصرَّح بدعوى العِصْمة لنفسه، وأنّه المهديّ المعصوم، وبسط يده للمبايعة فبايعوه". تاريخ الإسلام، ت: بشار (11/ 414).

3- الحودلي جهول له اهتمام خاص بأحاديث المهدي وأشراط الساعة،
 وألف كتابًا في ذلك سماه:
"المهدي وقرب الظهور - واقترب الوعد الحق"
كان فيه حاطب ليل، جمع فيه بين الغث والسمين ولم يميز فيه بين الصحيح والسقيم،
ومن مصادره فيما يكتب كتب الباطنية والاثني عشرية، ويراهم أعلم الناس بالمهدي. وقد ضم إلى عدم التحقيق وتحري الصحيح من الأحاديث والآثار سوء الفهم والتقدير والجرأة على التنزيل وتفسير المغيبات. ومن أهم مصادره كتاب الفتن لنعيم بن حماد ونعيم على جلالته حشا كتابه بالمناكير. يقول الحافظ الذهبي: "وقد صنف كتاب (الفتن) فأتى فيه بعجائب ومناكير" "سير أعلام النبلاء" (10/ 609).

4- الحودلي غير مؤتمن فيما ينقل، فهو إلى جانب اعتماده على ما تقدم إنما ينتقي  منها ما يوافق هواه، كما أنه يزيد في بعض الأحاديث زيادات من أجل اكتمال الصورة التي يريد عرضها، ويحذف من سياق الحديث الواحد ما لا يرتضي.

5- ومن أبرز انحرافات الحودلي وأخطرها:

 الترويج لعقائد الشيعة والروافض بزعمه أن ما هو عليه من المعتقد هو المسلك الصحيح الذي ينبغي أن يجتمع عليه السنة والشيعة،
فالشيعة -كما يزعم- ضلوا عن اتباع السنة، كما ضل أهل السنة عن اتباع العترة،
والحق بزعمه في الجمع بينهما مضافين إلى القرآن مصادرًا للهداية والتنوير.

كما أنه يغلو في آل البيت، ويطعن في عدد من الصحابة بأعيانهم، مثل: عثمان بن عفان ومعاوية وعمرو بن العاص وسعيد بن العاص وعبد الله بن أبي السرح والزبير وطلحة رضي الله عنهم، وكل من شارك في معركة الجمل،

 وإذا لم يتداركه الله وأتباعه بالتوبة فهم في طريقهم إلى الالتحاق بإحدى فرق الشيعة أو إضافة فرقة إلى فرقهم والعياذ بالله.

ومن ذلك أنه يكثر من الاعتماد على كتب الإمامية الاثني عشرية، وينقل عن مراجع الشيعة وآياتهم، ويسوق ذلك مساق الاحتجاج، بل يعتقد أن الرافضة الإمامية أعلم بالمهدي من غيرهم، ويسميهم أتباع الحسين.
 ويعوّلون في تلقيهم واستدلالهم على المناماتِ والأحاديثِ المكذوبةِ، والحكاياتِ المزعومة، والأمثال.
ويحتجون بأحلامٍ شيطانية على بناء أفكارهم وعقائدهم.

6- ومن دواعي الريبة فيه وفي حركته أنه يعمل ويتحرك ويدعو في صنعاء حيث سلطة الأمر الواقع بيد الحوثي، ويضمن بعض تسجيلاته وأفلامه زوامل حوثية، ولا يخفى على لبيب ما يعنيه هذا التسامح مع ما عرف عنهم من إلإقصاء والتضييق على سائر مخالفيهم.

*وفي الختام فإننا ننصح عموم المسلمين بألا يكونوا أتباعًا لكل ناعق*،
وأن يستفتوا أهل العلم فيما يستجد من أمورهم، كما قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون) [الأنبياء: ٧]،

*كما ننصح ولاة الأمر* بالأخذ على يديه قبل أن يستفحل أمره ويتسع الخرق على الراقع، ويدفع الثمن باهضًا،
*ويزيد الأمر خطورة* أن وجهتهم التي يقصدونها هي مكة أقدس بقاع الأرض والتي يوصون بالهجرة إليها استعدادًا لاستقبال مهديهم ومبايعته بين الركن والمقام،
ولا ندري كم عدد من وصل منهم إليها ولا عدتهم وبرنامجهم فيها.

وقى الله المسلمين شرهم، وجعل تدبيرهم دمارًا عليهم. والله أعلم.

حقوق النشر محفوظة لدى موقع الشيخ طالب بن عمر الكثيري (©)