فتوى 7

فتوى 7

   

السؤال : صمت أول رمضان ببلد، ثم رجعت إلى بلدي، وكان صيامهم قد تأخر عن ذلك البلد يوماً، فهل أفطر مع البلد الأول أو مع أهل بلدي؟ وماذا لو لزم من ذلك أن أصوم واحداً وثلاثين يوماً ؟

 

 الجواب : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :

فإن العلماء قد اختلفوا فيمن صام في بلد ثم انتقل إلى بلد آخر تأخر إفطارهم فيه، ولزم من فطره مع أهل البلد الذي انتقل إليه أن يصوم واحدًا وثلاثين يومًا، فقيل : لا يجوز له الصيام، ويفطر سرًّاً؛ لأن فرضه تسع وعشرون أو ثلاثون، وهذه زيادة، فلا تجوز.

وقيل: لا يفطر إلا مع الناس في اليوم الذي يفطر فيه الجميع، حتى وإن زاد يومًا فصار صيامه معهم  يكمل واحداً وثلاثين يوماً، وهذا هو الراجح، وهو الذي دل عليه الأثر والنظر.

أما الأثر ففيه حديثان :

* الحديث الأول: ما رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني رحمه الله من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: ( الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون ) .

قال الترمذي رحمه الله: وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث، فقال: إنما معنى هذا: أن الصوم والفطر مع الجماعة وعُظْمِ الناس.

فدل هذا الحديث على أن حكم من انتقل من بلدٍ إلى بلدٍ آخر في الصيام والإفطار حكم البلد الذي سافر إليه، سواء كان ذلك في دخول شهر رمضان أو في الخروج منه، فيصوم مع الناس، ويفطر معهم.

* وأما الحديث الثاني: فهو الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته ) .

ففي تعليق الفطر برؤية الهلال دليل على أن الرؤية للهلال هي المعتبر في إباحة الفطر دون ما سواها، فيلزم المنتقل إلى البلد الثاني الإمساك حتى رؤية هلال شوال .

وممن ذهب إلى ترجيح هذا القول من المتأخرين الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله.

وإنما يلزم بصيام الواحد والثلاثين تبعا لا أصلا رعاية للمقصد الشرعي في اجتماع المسلمين، لا أنَّ الشهر يزيد عن الثلاثين يومًا .

يقول العلامة الألباني رحمه الله عن هذا المقصد كما في السلسلة الصحيحة (1/444) : " فلا تعتبر الشريعة رأي الفرد - ولو كان صواباً في وجهة نظره- في عبادة جماعية، كالصوم، والتعييد، وصلاة الجماعة " أ.هـ .

وأما النظر: فهو القياس على  ما لو سافر إلى بلد يتأخر غروب الشمس فيه، فإن المعتبر في الفطر هو غروب الشمس في البلد الذي انتقل إليه، فيلزمه الإمساك حتى تغرب، إلا أن يفطر لعذر السفر.

وليعلم أن ما سبق مخصوص بما يعلم أن المخالفة فيه ليست عناداً، فإن كانت عن عناد - كما يفعل الرافضة اليوم - فإن خلافهم لا يصح البناء عليه؛ لسقوط اعتباره، والتستر في الصوم والإفطار سبيل السلامة لمن لهم عليه ولاية، أو يخشى سطوتهم.

وفهم من قوله صلى الله عليه وسلم: "والفطر يوم تفطرون" عكس هذه المسألة، وهو: أن من انتقل إلى بلد تقدم ثبوت الشهر فيه لزمه أن يفطر معهم وإن نقصت الأيام عن تسع  وعشرين؛ لتعليق الفطر بالرؤية، ويقضي ما فاته من رمضان كما يتحمل الزيادة في الصورة المسئول عنها؛  إذ لا يمكن أن ينقص الشهر عن تسع وعشرين يوما.

والله الموفق، وهو المستعان، وعليه التكلان.

 

حقوق النشر محفوظة لدى موقع الشيخ طالب بن عمر الكثيري (©)