فتوى 8

فتوى 8

    السؤال: أعطاني البنك سعر صرف للدولار بالريال اليمني بفارق مغرٍ جداً، مقابل أن أسلمه الريال اليمني نقداً، ويودع مقابله من الدولار في حسابي الجاري، هل تجوز هذه المعاملة ؟ مع العلم أن سبب ارتفاع فارق الصرف هو نقص السيولة هذه الأيام ، فأصبح المودع في البنوك لا يستطيع سحب ما يحتاجه من حسابه الجاري إلا بعد مدة طويلة ؟

 

 الجواب:الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله، وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ؛  وبعد :

فالجواب على ما ذكر في السؤال أعلاه  - وبالله التوفيق -  أن هذه معاملة لا يجوز الإقدام عليها؛ لما  في ذلك من المخاطرة بالمال وتعريضه للضياع، لا سيما وقد ذكر السائل أن سبب ارتفاع الصرف هو نقص السيولة، وأن المودع لا يستطيع سحب ما أودع إلا بعد مدة طويلة، فصارت في حقيقة الأمر حسابات دائنة على البنك، وصرف العملات بالدين لا يجوز؛ لما في ذلك من فقدان التقابض والوقوع في ربا النسيئة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيحين من حديث أسامة - رضي الله عنه -:( لا ربا إلا في النسيئة )، وقد ظهر مراعاة الأجل بزيادة فارق الصرف في حال الإيداع في الحساب عن النقد.

ويضاف إلى ما سبق إن كان هذا البنك من البنوك التي عرفت بالتعامل بالربا، فالواجب قطع التعامل معها، إلا في حدود الضرورة.

أما إن كان البنك من البنوك التي لا تتعامل بالربا، وكان قادرا في الصورة المذكورة على تسليم المودع ماله في الوقت الذي يريده، فهذا لا شك في جوازه؛ وذلك لأنها حسابات جارية، وقد ذكر جمع من العلماء أنها بمنزلة قبض اليد؛ لأن إيداع المبالغ المالية فيها كوضعها في يد صاحبها، يتمكن صاحبها من التصرف فيها متى ما أراد.

والذي ينبغي  على العبد أن يحتاط لدينه في مثل هذه الأبواب الدقيقة الملتبسة ما وجد إلى ذلك سبيلا؛ لما في ذلك من سلامة دينه قبل سلامة ماله، وبعده عن المشتبهات، وبذلك يحقق قوله - صلى الله عليه وسلم -: ( فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه )، وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 

 

حقوق النشر محفوظة لدى موقع الشيخ طالب بن عمر الكثيري (©)