استثمار الزكاة

استثمار الزكاة

مع تطورات هذا العصر الاقتصادية، وتجدد أدوات التوظيف، وظهور الأساليب الاستثمارية المعاصرة ذات الأرباح الوفيرة، ثم مع تزايد احتياجات المستحقين، وقلة المتبرعين ظهرت الحاجة لبحث حكم استثمار الأموال الواجبة التي تموّل بها المؤسسات الخيرية، وقد اتجهت هذه الفكرة من البحث الفقهي، والنقاش المجمعي، إلى التطبيق الفعلي والعمل المؤسسي، واتصلت بشكل مباشر بالمؤسسات الخيرية، فبرزت التساؤلات التالية: هل يحق للمؤسسات الخيرية أن تستثمر هذه الأموال؟ وإلى أيّ حدود يمتد هذا الحكم؟ وفي أيّ ضوابط ينحصر؟.

 

استثمار أموال الزكاة:

الاستثمار في اللغة: هو طلب الحصول على الثمرة،[2] ويراد به في المال: طلب الحصول على الأرباح،[3] وعامة أهل العلم من السابقين لم يستعلموا لفظ الاستثمار، وإنما استعملوا لفظ التثمير،[4] والتنمية،[5]والاتجار.[6]

 

والاستثمار في عرف الفقهاء المعاصرين يطلق على تحصيل نماء المال بالطرق الشرعية،[7] ويعرّف الاستثمار عند الاقتصاديين بأنه: " التوظيف  المنتج لرأس المال، أو هو بعبارة أخرى توجيه المدخرات نحو استخدامات تؤدي إلى إشباع حاجة أو حاجات اقتصادية". [8]

 

فهل يحل للمؤسسات الخيرية استثمار أموال الزكاة؟.

المؤسسات الخيرية تنقسم إلى ثلاثة أقسام:[9]

1- المؤسسات الخيرية الخاصة ببعض الأثرياء أو بعض الأسر.

2- المؤسسات الخيرية العامة غير الحكومية.

3- المؤسسات الخيرية الحكومية.

 

والمؤسسات الخيرية غير الحكومية تعتبر وكيلة عن المتبرعين؛ كالمؤسسات الخيرية الخاصة، بينما المؤسسات الخيرية الحكومية تعتبر وكيلة عن ولي الأمر؛ لذا سنبحث هذه المسألة في فرعين:

الفرع الأول: حكم استثمار الزكاة من قبل المالك أو وكيله:

يتعلق حكم هذا الفرع ببحث مسألتين:

المسألة الأولى: أن تصرف الوكيل يتقيد بإذن موكله فيما يملكه من  التصرف، وكل من صح له أن يتصرف في شيء بنفسه صح له أن يوكل غيره فيه،[10] ولما كان المالك لا يملك التصرف في مال الزكاة المستَحق  لأهل المصارف الثمانية، لم يجز له أو لوكيله التصرف في مال الزكاة بأيّ صورةٍ من صور التصرفات؛ من بيعٍ أو شركةٍ أو غير ذلك، بل ذهب بعض أهل العلم في شأن الزكاة بالذات إلى أن دفعها للمستحقين لم يكن إلا تفريغًا لحقهم من ذمة المزكي؛ لأنهم ملكوا الزكاة من قبل إخراج المالك لها. [11]

 

المسألة الثانية: أن استثمار أموال الزكاة يؤدي إلى تأخيرها عن  المستحقين، والزكاة تجب على الفور، ولا يجوز تأخيرها عن وقتها؛ كما هو مذهب الجمهور، وهو مذهب أبي حنيفة وصاحبيه،[12] والمذهب عند المالكية،[13] والشافعية،[14] والحنابلة؛[15] لما أخرجه البخاري[16] من  حديث عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم العصر، فأسرع، ثم دخل البيت، فلم يلبث أن خرج، فقلت أو قيل له، فقال: " كنت خلفت في البيت تبرًا[17] من الصدقة، فكرهت أن أبيته؛  فقسمته".

 

قال ابن حجر - رحمه الله - في فتح الباري: [18] "قال ابن بطال: فيه أن  الخير ينبغي أن يبادر به؛ فإن الآفات تعرض، والموانع تمنع، والموت لا يُؤمن، والتسويف غير محمود، زاد غيره: وهو أخلص للذمة، وأنفى للحاجة، وأبعد من المطل[19] المذموم، وأرضى للرب، وأمحى للذنب".

 

وقد أجاز جمهور الفقهاء القائلون بفورية إخراج الزكاة أن يؤخر المزكي زكاته لعذر الضرورة أو الحاجة المعتبرة، ومما قرروه:

‌أ - جواز تأخير إخراج الزكاة إذا اضطر المزكي لذلك؛ كغيبته عن المال، أو غيبة ماله عنه. [20]

‌ب - أو إذا خشي الضرر عليه؛ كأن يخشى أن يطالبه الساعي بإخراج الزكاة مرة أخرى إن أخرجها بنفسه. [21]

‌ج - أو إذا وجدت مصلحة في التأخير؛ كأن يؤخرها ليدفعها لذي قرابة، أو  جارٍ، أو إلى ذي صلاحٍ، أو ذي حاجة شديدة، واشترطوا لذلك أن يكون التأخير يسيرًا، وألا تشتد حاجة الحاضرين من المستحقين. [22]

 

ومنه يتبين أنه لا يجوز للمؤسسات الخيرية غير الحكومية استثمار أموال الزكاة للأسباب التالية:

1- أنها تعتبر وكيلة عن المزكين، ولا يصح للمزكي أن يتصرف في الزكاة باستثمارٍ أو غيره؛ فضلاً أن يصح لوكيله. [23]

 

2- أن في استثمار الزكاة تأخيرًا لها لغير ضرورة، كما أن الحاجة الداعية لاستثمارها تمتد إلى فترة طويلة، وقد اشترط الفقهاء لاعتبار الحاجة مسوغًا للتأخير أن يكون التأخير لفترةٍ يسيرة.

 

3- أن استثمار المزكي أو وكيله للزكاة يدعوه لمنعها؛ إما طمعاً في أرباحها، أو فرارًا من ضمان خسارتها. [24]

 

الفرع الثاني: حكم استثمار الزكاة من قبل الإمام أو من ينيبه من المؤسسات الخيرية الحكومية:

اختلف أهل العلم المعاصرون في هذه المسألة على ستة أقوال:

القول الأول: جواز استثمار أموال الزكاة. [25]

 

القول الثاني: جواز استثمار نصيب جميع المصارف غير سهم الفقراء والمساكين. [26]

 

القول الثالث: جواز استثمار نصيب المصارف الأربعة الأخيرة في آية مصارف الزكاة: ﴿ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ [27]. [28]

 

القول الرابع: جواز استثمار نصيب سهم ﴿ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ  [29]

 

القول الخامس: وجوب استثمار أموال الزكاة المدخرة. [30]

 

القول السادس: منع استثمار أموال الزكاة. [31]

 

التخريج الفقهي لهذه المسألة:

ينبني حكم هذه المسألة على حكم خمس مسائل؛ هي محل الخلاف:[32]

المسألة الأولى: حكم إخراج الزكاة العينية قيمة، وقد اختلف فيها  أهل العلم على أقوال، أصحها جواز إخراج القيمة في زكاة المال عند وجود الحاجة والمصلحة؛ لأن تطبيقات النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين تؤكد أن الزكاة من العبادات التي يُغلّب فيها حق العبد (الفقير). [33]

 

المسألة الثانية: حكم تمليك الزكاة للمستحقين في صورة مشاريع، وأقرب الأقوال فيها جواز تمليك المستحقين للمشاريع الإنتاجية بالضوابط الشرعية. [34]

 

على أن استثمار الزكاة لا يلزم منه عدم التمليك الفردي للمستحقين، بل إن أموال الزكاة مع أرباحها ستؤول ملكيتها لهم، غاية الأمر أنها ستؤخر عنهم، وهي المسألة الثالثة.

 

المسألة الثالثة: حكم تأخير إخراج الزكاة، وقد سبق أن الراجح وجوب  إخراج الزكاة على الفور، ومنع تأخير إخراجها، لكن يُعترض على هذا المنع بأربعة اعتراضات:

الأول: أن استثمار الزكاة من قبل الإمام أو من ينوب عنه قد يحصل بغير تأخير الزكاة، وذلك في حالة طلبه لتعجيل إخراجها، وهو جائز.

 

والثاني: أن تأخير صرف الزكاة قد يكون لسببٍ ضروري؛ كتعذر صرفها فورًا،  حيث إن الطلبات المقدمة من المستحقين تحتاج وقتاً لدراستها دراسة متأنية، والتوثق منها، فتستثمر الزكاة لتأخر صرفها، دون أن يؤخر صرفها لتستثمر، والفورية في صرف الزكاة تقاس بالعرف والعادة والإمكان الفعلي. [35]

 

والثالث: أن فورية إخراج الزكاة متعلقة بالمزكي، وقد فعل في إخراجها  وتسليمها للإمام أو من ينوب عنه، ولا يلزم الإمام المبادرة إلى تسليم الزكاة للمستحقين، بل عليه قسمتها بحسب المصلحة، وقد دلّ على ذلك ما أخرجه الشيخان[36] عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: غدوت إلى  رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي طلحة رضي الله عنه ليحنكه، فوافيته في يده الميسم،[37] يسم إبل الصدقة، قال ابن حجر -  رحمه الله -: "وفيه جواز تأخير القسمة؛ لأنها لو عُجلت لاستغنى عن الوسم"،[38] وقول الحافظ: "وفيه جواز تأخير القسمة" يدل على أنها  مسألة أخرى، غير مسألة تأخير الزكاة، والله أعلم.

 

والرابع: أن جمعًا من أهل العلم القائلين باشتراط الفورية في إخراج الزكاة  أجازوا أن يؤخر الإمام - أو من ينيبه كالعامل - إخراج الزكاة؛ لأعذار تدور على تحقيق المصلحة للفقير أو دفع المشقة عن الغني، ومن ذلك:

 قال أبو عبيد - رحمه الله -:"وكذلك تأخيرها إذا رأى ذلك الإمام في صدقة  المواشي؛ للأزمة تصيب الناس، فتجدب لها بلادهم، فيؤخرها عنهم إلى الخصب، ثم يقضيها منهم بالاستيفاء في العام المقبل، كالذي فعله عمر في عام الرمادة".[39]

 

 وقال المازري - رحمه الله -: " وأما رواية (هي عليَّ ومثلها)،[40] فيحتمل أن يكون أخرّها صلى الله عليه وسلم عنه إلى عام آخر تخفيفًا ونظرًا، وللإمام تأخير ذلك إذا أداه الاجتهاد إليه". [41]

 

 وقال المرداوي - رحمه الله -: "يجوز للإمام والساعي تأخير الزكاة عند ربها لمصلحةٍ؛ كقحط ونحوه". [42]

 

المسألة الرابعة: إذا جاز للإمام أن يؤخر صرف الزكاة، فهل يحق له - أو لنائبه - أن يتصرف فيها باستثمار ونحوه؟، والسؤال بطريقة  أخرى: هل يد الإمام على الزكاة يد أمانة؛ فيجب عليه حفظها وعدم التصرف فيها، أم يد ولاية؛ فيجب عليه أن يتصرف بالأصلح للمستحقين؟.

 

إذا نظرنا إلى كلام أهل العلم - رحمهم الله تعالى - وجدنا الآتي:

أ‌- أشار بعض أهل العلم إلى أن يد الإمام ومن ينيـبه يد أمانةٍ وحفظٍ فقط؛ فلا يحق لهم التصرف في أموال الزكاة؛ بل عليهم حفظـها حتى يسلموها لأهلها، قال النووي - رحمه الله - في المجموع: [43] "قال أصحابنا: لا يجوز  للإمام ولا للساعي بيع شيء من مال الزكاة من غير ضرورة، بل يوصلها إلى المستحقين بأعيانها؛ لأن أهل الزكاة أهل رشد لا ولاية عليهم، فلم يجز بيع مالهم بغير إذنهم".

 

ب‌- ومن أهل العلم من أشار إلى أن يد الإمام يد ولاية على الزكاة؛ وهو نائب عن الغني والفقير، وله أن يتصرف بحكم هذه الولاية في أموال الزكاة بحسب المصلحة، ولا يحتاج في هذا إلى إذنٍ من الغني ولا من الفقير، وإليك بعض هذه الإشارات:

 قال الإمام مالك - رحمه الله -: " الأمر عندنا في قسم الصدقات أن ذلك  لا يكون إلا على وجه الاجتهاد من الوالي، فأيّ الأصناف كانت فيه الحاجة والعدد أوثر ذلك الصنف بقدر ما يرى الوالي"،[44] وهذا نصّ من الإمام مالك  في حق الإمام في الاجتهاد في القسمة.

 

 وقال ابن عبد البر - رحمه الله -: "إذا أخذ الساعي في السنّ غيرها، أو  أخذ ذهبًا أو ورِقًا بدلاً منها، أجزأ ذلك، وكان كحكم مجتهد ينفذ حكمه"،[45] وهذا نصّ في اجتهاد الإمام في الاستبدال.

 

 وقال النووي في المجموع - رحمه الله -: [46] "فإن وقعت ضرورة؛ بأن  وقف عليه بعض الماشية، أو خاف هلاكه، أو كان في الطريق خطر، أو احتاج إلى رد جبران، أو إلى مؤونة النقل، أو قبض بعض شاة، وما أشبهه جاز البيع للضرورة "، فجعل مؤونة النقل ضرورة؛ تُجيز بيع أعيان الزكاة، وهي أشبه بما نعده من جنس الحاجات.

 

 وقال ابن حجر - رحمه الله - عند تعليقه على حديث: " أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم استسلف من رجلٍ بكرًا، فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره،[47] فرجع إليه أبو رافع، فقال: لم أجد فيها إلا خيارًا رباعيًا،[48] فقال: "أعطه إياه، إن خيار الناس أحسنهم قضاء"[49]: "وفيه أن الاقتراض في البر والطاعة، وكذا الأمور المباحة لا يعاب، وأن للإمام أن يقترض على بيت المال لحاجة بعض المحتاجين؛ ليوفي ذلك من مال الصدقات".[50]

 

 وقال ابن قدامة - رحمه الله -: "وإذا أخذ الساعي الصدقة، فاحتاج إلى بيعها لمصلحة من كلفة في نقلها، أو مرضها، أو نحوهما فله ذلك".[51]

 

وبالنظر لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم نجد بعض التطبيقات التي تتجه بالبحث إلى الترجيح:

أ‌- أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل لأنعام الصدقة موضعًا خاصًا؛ لحفظها ورعيها، فقد روى الشيخان[52] عن أنس رضي الله عنه أن ناسًا من عرينة اجتووا المدينة،[53] فرخص لهم رسول الله صلى الله عليه  وسلم أن يأتوا إبل الصدقة، فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فقتلوا الراعي، واستاقوا الذود،[54] فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى بهم،  فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمّر أعينهم، وتركهم بالحرة، وكذلك الخلفاء رضي الله عنهم من بعده حموا حمى لإبل الصدقة،[55] فدلّ ذلك على  جواز عدم المبادرة إلى قسمة الزكاة، وأن يُجعل لها حِمى ورعاة، وأن تُستثمر وتترك لترعى لما يُتحصل من رعيها من زيادة متصلة؛ بسمنها، أو منفصلة؛ بتناسلها، والاستفادة من لبنها. [56]

 

ونوقش هذا الاستدلال: أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يكن إلا مجرد حفظ لهذه الأنعام إلى حين توزيعها على المستحقين، وما يحصل من توالد ودر لبن أمر طبعي غير مقصود،[57] ويقال كذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يكونوا يمنعون المحتاجين من حظهم من الزكاة بحجة تنميتها.[58]

 

ويمكن أن يقال: أن هذه الصورة تدل على صحة مبدأ تنمية أموال الزكاة التي تأخرت إلى حين صرفها، وإن لم يدل دلالة واضحة على جواز تأخيرها لتستثمر. [59]

 

ب- دلت الأدلة العامة على جواز تصرف الإنسان في ملك غيره إن كان  تصرفه بالأصلح، ومنها:

1- الدليل على جواز تصرف الإنسان في ملك غيره بالأصلح، ونفوذ هذا  التصرف إذا أذن المالك بعد ذلك: ما أخرجه الشيخان في قصة أصحاب الغار الثلاثة،[60] وفي الحديث: " وقال الآخر: اللهم إني كنتُ استأجرت أجيرًا بفرق[61] أرز، فلما قضى عمله، قال: أعطني حقي، فعرضت عليه فرقه،  فرغب عنه، فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرًا ورعاءها، فجاءني، فقال: اتقِ الله، ولا تظلمني حقي، فقلت: اذهب إلى تلك البقر ورعائها، فخذها، فقال: اتقِ الله، ولا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك، خذ ذلك البقر ورعاءها، فأخذه، فذهب به؛ فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا ما بقي، ففرج الله ما بقي".

 

ووجه الدلالة: أن الرجل قد تصرف في ملك غيره بغير إذنه - مع أنه ليس له حق التصرف والنظر - وأجيز عمله لما كان في مصلحته، وتصرف الإمام في مال الزكاة أولى؛ لأن له حق التصرف والولاية، وقد أخرج البخاري الحديث السابق، وبوَّب عليه: "باب إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه، فرضي"،[62] وقال في موضع آخر: "باب إذا زرع بمال قومٍ بغير إذنهم، وكان في ذلك صلاحٌ لهم". [63]

 

ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

الأول: أن الرجل استأجر الأجير بأرز في الذمة، ولم يسلمه إليه، بل عرضه  عليه، فلما لم يقبله، لم يتعين من غير قبض؛ لأن ما في الذمة لا يتعين إلا بالقبض، وتصرف المستأجر إنما كان تصرفًا لما في ملكه، ثم تبرع للأجير بما اجتمع منه، من بقرٍ ورعاةٍ عن طيب نفسٍ منه. [64]

 

والثاني: أنا لا نعلم أن المستحقين للزكاة سيرضون بعد ذلك إذا أخرنا  عنهم الزكاة واستثمرناها، بل قد يعلم في الحال طلبهم للزكاة، وعدم رضاهم بالاستثمار.

 

2- الدليل على جواز تصرف الوكيل في مال موكله بحسب المصلحة: أخرج البخاري[65] من حديث عروة البارقي رضي الله عنه أن النبي صلى الله  عليه وسلم أعطاه دينارًا، يشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، وجاءه بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه.

 

ووجه الدلالة: دلّ الحديث على أن الوكيل يتصرف في مال موكله بالأصلح، وإن لم يؤذن له، والإمام أحق بهذا؛ لأنه وكيل عن الأمة.

 

ونوقش هذا الاستدلال: باحتمال أن يكون عروة رضي الله عنه وكيلاً في البيع والشراء معًا. [66]

وأجيب: أن هذا الاحتمال غير وارد؛ لأن الحاجة كانت داعية لتوكيله في الشراء لا في البيع.

 

ونوقش كذلك: أن الحجة في إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لفعل الصحابي رضي الله عنه، ورضاه به.

ويمكن أن يجاب: أن في هذا تخطئة للصحابي الذي فهم جواز التصرف للمصلحة بغير إذن من الموكل، وأقرّه النبي صلى الله عليه وسلم على فهمه وفعله.

 

3- الدليل على جواز استثمار الأموال العامة بإذن الإمام أو من ينيبه: أخرج الإمام مالك في الموطأ: [67] أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب  رضي الله عنهم خرجا في جيش إلى العراق، فلما قفلا مرا على أبي موسى الأشعري رضي الله عنه - وهو أمير البصرة - فرحب بهما وسهل، ثم قال: لو أقدر لكما على أمرٍ أنفعكما به، لفعلت، ثم قال: بلى، ها هنا مال من مال الله، أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين، فأسلفكماه، فتبتاعان به متاعًا من متاع العراق، ثم تبيعانه بالمدينة، فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون الربح لكما، فقالا: وددنا ذلك، ففعل، وكتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يأخذ منهما المال، فلما قدما باعا، فأربحا، فلما دفعا ذلك إلى عمر رضي الله عنه، قال: أكل الجيش أسلفه مثل ما أسلفكما، قالا: لا، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما! أديّا المال وربحه، فأما عبد الله فسكت، وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا، لو نقص هذا المال أو هلك لضمناه، فقال عمر: أدياه، فسكت عبد الله، وراجعه عبيد الله، فقال رجل من جلساء عمر: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضًا، فقال عمر: قد جعلته قراضًا، فأخذ عمر رضي الله عنه رأس المال، ونصف ربحه، وأخذ عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهم نصف ربح المال.

 

ووجه الدلالة: أن عمر رضي الله عنه لم يعـترض على أن ابنـيه قد استثـمرا المال، وإنما اعترض على أن أبا موسى رضي الله عنه خصهما به دون بقية الجيش؛ وإذا أُذن لهما في استثمار المال العام ونصف الربح لهما، فلئن يجوز استثمار مال الزكاة والربح كله للمستحقين أولى. [68]

 

ونوقش هذا الاستدلال: بأن المال الذي رخص عمر رضي الله عنه في استثماره إنما كان مالاً عامًا من أموال المصالح العامة، ولم يكن مال زكاة، وأموال الزكاة حق للفقراء والمساكين، فحرمتها أشدّ، وليست كأموال المصالح العامة. [69]

 

وأجيب من وجهين:

الوجه الأول: أن المال المستثمر وُصف بأنه (مال الله)، فيمكن قياس مال  الزكاة عليه بجامع أن كليهما حق مالي لله.

 

والوجه الثاني: أنه يجوز للولي أن يستثمر أموال اليتامى القصر، ويتصرف فيها وفق المصلحة، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [70] وأموال الزكاة ليست بأشد حرمة من أموال الأيتام، وقد قال الله فيها: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا  [71].[72]

 

ونوقشت هذه الإجابة من ثلاثة وجوه:

الأول: أنه لا يجوز استثمار أموال الأيتام إلا بشرط كونها زائدة عن حاجة اليتيم الفورية،[73] ومال الزكاة يبعد أن يفيض عن حاجة المستحقين  الفورية.

 

والثاني: أن مال اليتيم يُنتظر فيه بلوغه للرشد، بخلاف مال الزكاة الذي يجب دفعه على الفور.[74]

 

والثالث: أن مال اليتيم يخشى أن تأكله النفقة، بخلاف مال الصدقة الذي  يبقى محفوظًا حتى يُسلَّم للمستحقين، فلا حاجة للمخاطرة به في الاستثمارات.

 

4- الدليل على جواز تصرف العامل في مال الزكاة ببيعٍ ونحوه- وهو أخصُّ الأدلة الأربعة بالنسبة لمسألتنا-: ما أخرجه الإمام أحمد[75] عن  الصنابحي رضي الله عنه قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبل الصدقة ناقةً مسنة، فغضب، وقال: "ما هذه؟"، فقال: يا رسول الله، إني ارتجعتها[76] ببعيرين من حاشية الصدقة، فسكت.

 

ووجه الاستدلال: أن المصدق أخذ البعيرين من المزكي، ثم باعهما على غيره، واشترى هذه الناقة الحسنة.

ونوقش: باحتمال أن يكون المصدق أخذ من المزكي الناقة عوضًا عن قيمة بعيرين وجبت عليه.

 

وأجيب: أن الاحتمال الأول أقوى؛ حيث التزم المصدق بأخذ ما وجب، ثم  تصرف بعد ذلك للمصلحة، وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لمن يبعثهم مجالاً للتصرف بالأصلح؛ كما في قصة قتل القبطي، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: قلت يا رسول الله، إذا بعثتني أكون كالسكة المحماة[77] أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، قال: "الشاهد يرى ما لا يرى الغائب"، رواه أحمد. [78]

 

وفيما سبق من الأدلة تأكيد على أن للإمام أن يتصرف بالأصلح فيما له ولاية عليه - وكذا من ينيبه - وهو وكيل عن الفقير في قبض الزكاة من الأغنياء، ووكيل عن الغني في صرف الزكاة للفقراء، وذلك بحكم ولايته على المسلمين، وعلى أموال الزكاة، قال الدسوقي - رحمه الله -: "السلطان وكيل عن المسلمين؛ فهو كوكيل الوقف". [79]

 

المسألة الخامسة: هل الأصلح لأهل الزكاة أن تقسم حقوقهم عليهم فورًا أو أن تستثمر لهم؟.

إذا كان للإمام أن يتصرف - بحكم ولايته- بالأصلح في أموال الزكاة، فالأصلح يعرف من خلال المصلحة الشرعية المنصوص عليها، والمعمول بها وفق الضوابط الشرعية، وهذه المصلحة لا بدّ لها من نظرين:

الأول: أن تحويل المستحقين إلى كاسبين؛ يجدون احتياجاتهم بصفة دورية  من خلال تأمين موارد مالية ثابتة لهم أفضل من إغنائهم لفترة محدودة.

 

والثاني: أن يقال: هل دفع الحاجة الواقعة أولى أم المتوقعة؟ وهل دفع  الحاجات الآنية أهم أم المستقبلية؟ وهل يجوز أن نضحي بحرمان الفقراء من حاجاتهم الأصلية من غذاء وكساء رجاء زيادة ريع أموال الزكاة بعد ذلك؟.

 

ثم تساؤل آخر: هل يكفي المحتاجين أن يوزع عليهم الريع السنوي لاستثمار الزكاة – والذي لم يتعد سقف 7% من رأس المال؛ كما في بعض التطبيقات المعاصرة [80]- دون أن توزع عليهم رؤوس الأموال المستثمرة؟.[81]

 

القول المختار:

مراعاة الحاجات القادمة مطلب مقصود، وجادة مسلوكة، فقد علل عمر رضي الله عنه منع قسمة الأراضي المفتوحة عنوة على الفاتحين بقوله: "فكيف بمن يأتي من المسلمين، فيجدون الأرض بعلوجها[82] قد اقتسمت، وورثت عن الآباء، وحيزت، ما هذا برأي"،[83] فهل يقاس وقف  الأراضي المفتوحة عنوة لمصلحة جميع المسلمين مراعاةً للحاجات الطارئة، على جواز استثمار ولي الأمر لأموال الزكاة مراعاةً للاحتياجات الطارئة؟.

 

الجواب: أن الفارق كبير، فالأراضي المفتوحة عنوة يخير الإمام بين قسمتها  ووقفها واستثمارها، وأما أموال الزكاة فالأصل فيها أن تقسم بين المستحقين، ناهيك أن جميع من أجاز استثمار الزكاة أكدّ على ضرورة سدّ الحاجة الفورية الماسة للمستحقين،[84] وهذا الشرط هو المقصد الأساسي من تشريع الزكاة، [85] وهو في ذات الأمر أجلى ما يكون لرد  القول بجواز استثمار مال الزكاة، ويبعد كل البعد أن تُكفى هذه الاحتياجات في أيّ عصر، يقول الجويني -رحمه الله-: "وأما الزكوات، إن انتهى مستحقوها إلى مقاربة الاستقلال، واكتفوا بما نالوه منها، فلا سبيل إلى ردّ فاضل الزكوات عليهم، فإن أسباب استحقاقهم ما اتصفوا به من حاجاتهم، فإذا زال[86] أسباب الاستحقاق، زال الاستحـقاق بزوالـها،  فالفاضل عند هذا القائل - إن تصور استغناء مستحقي الزكاة في قطر وناحية - منقول إلى مستحقي الزكاة في ناحية أخرى، وإن بالغ مصوِّر في تصوير شُغُور الخِطة[87] عن مستحقي الزكاة في ناحية أخرى، فهذا خرقُ  العوائد، وتصويرٌ عسر، ولكن العلماء ربما يفرضون صوراً بعيدة، وغرضهم بفرضها وتقديرها تمهيد حقائق المعاني، فإن احتملنا تصور ذلك، فالفاضل من الزكوات عند هؤلاء مردود إلى سهم المصالح العامة". [88]

 

فيظهر جليًا نظرة الجويني - رحمه الله - إلى صعوبة تحقيق هذا الشرط، وقد أراد الشارع الحكيم من تشريع الزكاة أن تسدّ الحاجة الملحة لمصارفها المحددة، ولم يرد - إلا بالقصد الثاني- أن تكون الزكاة أداةً اقتصادية يقصد بها معالجة الأوضاع المتغيرة،[89] ناهيك عما في هذا الأمر  من عود المقصد التبعي على المقصد الأصلي بالإبطال إذا ما أُخرت الزكاة كثيرًا، أو حصلت الخسارة المحتملة، أو زادت أعباء الجهاز الإداري التنظيمي على مخرجات الزكاة، قال الشاطبي - رحمه الله -: "كل تكملة فلها من حيث هي تكملة شرط؛ وهو أن لا يعود اعتبارها على الأصل بالإبطال"، [90] وتعطيل حق فقير واحد من الخطورة بمكان، قال الجويني - رحمه الله - في الغياثي في بيان واجب الإمام تجاه الفقراء:[91] "استحثاث الخلق بالموعظة الحسنة على أداء ما افترض الله عليهم في السُّنة، فإن اتفق مع بذل المجهود في ذلك فقراء محتاجون لم تفِ الزكوات بحاجاتهم، فحق على الإمام أن يجعل الاعتناء بهم من أهم أمرٍ في باله، فالدنيا بحذافيرها لا تعدل تضرر فقيرٍ من فقراء المسلمين في ضر ".

 

وصدق رحمه الله، وعليه فيظهر المنع من استثمار الإمام أو من ينيبه لأموال الزكاة - لا من جهة النص المانع - ولكن من جهة غياب المصلحة الأكبر التي أرادها الشارع من سدّ حاجات المستحقين، وحيث إن الحكم تعلق بالمصلحة، فيظهر الجواز في الحالات التالية:

‌أ- عند طلب الإمام تعجيل الزكاة، وفي هذه الحالة لا يُظلم المستحقون في تأخير حقهم.

 

‌ب- إذا أخذت المؤسسات الخيرية توكيلاً في استثمار الزكاة من أهلها الذين خُصصت لهم، فالمستحق له أن يستثمر نصيبه من مال الزكاة، يقول النووي - رحمه الله -: " قال أصحابنا: يجوز للغارم أن يتجر فيما قبض من سهم الزكاة إذا لم يفِ بالدين؛ ليبلغ قدر الدين بالتنمية"،[92] وقال في  حق الفقير القادر على الكسب: "والتاجر يُعطى رأس مال ليشتري ما يحسن التجارة فيه، ويكون قدر ما يفي ربحه بكفايته غالبًا"،[93] ونقل أيضًا  عن جمع من الشافعية في حق المكاتب: "يجوز للمكاتب أن يتجر فيما أخذه من الزكاة طلبًا للزيادة وتحصيل الوفاء، وهذا لا خلاف فيه"،[94] ومن  ملك التصرف في شيء ملك الحق في أن يوكل غيره بالقيام به.

 

‌ج- إذا كانت صورة الاستثمار تضمن عدم نقصان المال، وعدم تأخره عن المستحقين؛ استئناسًا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه رضي الله عنهم في جعل حمى للصدقة، وبارتجاع الساعي الناقة العظيمة ببعيرين، واستثمار ابني عمر رضي الله عنهم لمال الله، ومن ذلك:

1- إذا كان التأخير سيحصل لأمرٍ لا بدّ منه؛ كتحري أهل الزكاة، والتوثق منهم، مع كثرة المال، والقدرة على استثماره في استثمارات قصيرة الأجل.

 

2- أو في حالة ادخار الزكاة لمصرف من المصارف المفقودة إلى حال وجوده؛ كسهمي ابن السبيل وفي الرقاب.

 

3- أو في حالة تقسيط الزكاة على أهلها، على القول بالجواز.[95]

د- استثمار المؤسسات الخيرية لنصيبها من سهم العاملين عليها، ومن سهم في سبيل الله، على ما سبق تفصيله.

 

وفي هذه الحالات لا بدّ من مراعاة الضوابط التالية: [96]

1- اتخاذ الاحتياطات التي تكفل بقاء الأموال المستثمرة وأرباحها ملكًا للمستحقين.

2- أن يتولى الإشراف على عمليات استثمار الزكاة أهل الأمانة والخبرة.

 

3- أن تستثمر في مجالات يسهل معها تحويل هذه الاستثمارات إلى رأس مال (ناض) سائل، يغطي الحاجات الطارئة والملحة للمستحقين.

4- أن يكون الاستثمار في مشاريع مباحة.

 

5- وكما سبق تقريره: أن يكون الاستثمار من قبل المؤسسات الحكومية التي تنوب عن ولي الأمر، وتستثنى من ذلك حالتان؛ يجوز فيهما للمؤسسات الخيرية غير الحكومية استثمار مال الزكاة:

 الأولى: عند استثمارها لنصيبها المخصص في تمويل أنشطتها الدعوية  من سهم في سبيل الله.

 والثانية: عند توكيل المستحقين للزكاة في استثمار نصيبهم منها، والله  أعلم.

 


[1] مختص في فقه منتجات العمل الخيري.

[2] ينظر: لسان العرب، لابن منظور، (4/ 106)، والصحاح، للجوهري، (2/ 605)، والمصباح المنير، للفيومي، ص(333)، مادة (ثمر).

[3] ينظر: المعجم الوسيط، لإبراهيم مصطفى وآخرون، (1/ 100).

[4] جامع البيان، (8/ 111)، وينظر: الكشاف، للزمخشري، (2/ 48).

[5] شرح الصاوي على الشرح الصغير، (3/ 681).

[6] الوسيط في المذهب، (2/ 480).

[7] ينظر: الاستثمار أحكامه وضوابطه في الفقه الإسلامي، لقطب سانو، ص(200).

[8] الموسوعة الاقتصادية، لراشد البراوي، ص(41)، وينظر: موسوعة المصطلحات الاقتصادية والإحصائية، لهيكل، ص(4444)، وموسوعة المصطلحات الاقتصادية، لحسين عمر، ص(23).

[9] ينظر: الإشكاليات الفقهية العشر أمام منتجات العمل الخيري والعمل المصرفي، د. طالب الكثيري، ص(11-200).

[10] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 20)، والكافي، لابن عبد البر، (2/ 786)، وروضة الطالبين، للنووي، (4/ 291)، والمغني، لابن قدامة، (55/ 202).

[11] ينظر: حاشية العبادي على تحفة المحتاج، (6/ 341).

[12] ينظر: التجريد، للقدوري، ص(26)، وتحفة الفقهاء، للسمرقندي، (1/ 263)، وبدائع الصنائع، للكاساني، (2/ 3)، والبناية، للعيني، (3/ 3488)، وشرح فتح القدير، لابن الهمام، (2/ 165).

[13] ينظر: الكافي، لابن عبد البر، (1/ 303)، والذخيرة، للقرافي، (3/ 139)، والتاج والإكليل، للمواق، (3/ 2533)، وحاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني، (2/ 407).

[14] ينظر: الأم، للشافعي، (2/ 24)، والبيان، للعمراني، (3/ 160)، والحاوي، للماوردي، (3/ 91)، وروضة الطالبين، للنووي، (2/ 2044).

[15] ينظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه صالح، (1/ 125)، والمغني، لابن قدامة، (2/ 541)، والفروع، لابن مفلح، (2/ 4133)، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي، (2/ 465)، والإنصاف، للمرداوي، (3/ 186).

[16] أخرجه البخاري في كتاب (24) الزكاة، باب (20) من أحب تعجيل الصدقة من يومها، ص(284)، برقم 14300.

[17] التبر هو الذهب والفضة قبل أن يضربا دنانير ودراهم، فإذا ضربت صارت عينًا، وأكثر اختصاصه بالذهب، ينظر: غريب الحديث، للحربي، (1/ 533)، وغريب الحديث، للخطابي، (1/ 247)، والنهاية، لابن الأثير، (1/ 179).

[18] (4/ 52).

[19] المطل: تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر، ينظر: فتح الباري، لابن حجر، (5/ 2299).

[20] ينظر: المدونة، لمالك، (1/ 336)، ومطالب أولي النهى، للرحيباني، (3/ 1155).

[21] ينظر: المغني، لابن قدامة، (2/ 542)، والإنصاف، للمرداوي، (3/ 187)، وكشاف القناع، للبهوتي، (2/ 2555).

[22] ينظر: روضة الطالبين، للنووي، (2/ 225)، وبحث في وجوب إخراج الزكاة على الفور، لابن رجب، ص(137)، والإنصاف، للمرداوي، (3/ 1877).

[23] ينظر: مجموع فتاوى وبحوث ابن منيع، (2/ 212).

[24] ينظر: استثمار أموال الزكاة، وما في حكمها من الأموال الواجبة حقًا لله تعالى، لصالح بن محمد الفوزان، ص(79-800).

[25] وهو اختيار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، في دورته الثالثة، ضمن مجلة المجمع، العدد 3، الجزء الأول، ص(4211)، وقرار الندوة الثالثة لقضايا الزكاة المعاصرة التي نظمها بيت الزكاة بالكويت، ضمن أبحاث وأعمال الندوة، ص(323)، وقرار الندوة الفقهية الأولى للهيئة العالمية للزكاة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي في قضايا الزكاة بالمنامة، ص(10)، وفتاوى قطاع الإفتاء بالكويت، (1/ 270)، وقرار الهيئة الشرعية للندوة العالمية للشباب الإسلامي، محضر الاجتماع الثاني بتاريخ 4/ 11/ 1421هـ، ص(9)، و100 سؤال وجواب في العمل الخيري، لابن جبرين، ص(39)، بشرط أن توزع وتصرف هي وأرباحها قبل السنة الثانية، ومصطفى الزرقا ود. يوسف القرضاوي ود. محمد الفـرفور ود. حسـن الأمين ود.عبد العزيز الخياط وتيجاني صابون محمد، خلال مناقشتهم لأبحاث توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق، ضمن مجلة المجمع العدد 3، الجزء الأول، ص(404، و386، و358، و366، و371، و411)، وفتاوى شرعية، لأبي فارس، (1/ 253)، وفتوى لأبي غدة منشورة في مجلة المجتمع الكويتية، السنة (17)، العدد (793)، ص(34-35)، بشرط أن يوافق المستحقون، واستثمار أموال الزكاة، لشبير، ضمن أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة، (2/ 530)، ومصارف الزكاة وتمليكها، للعاني، ص(541)، والتـوجيه الاستثماري للزكاة، لعبد الفتاح فرح، ص(53)، واستثمار أموال الزكاة، للفوزان، ص(147).

[26] وقد أشار لهذا القول الشيخ أحمد بازيع الياسين، خلال مناقشته  لأبحاث توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق، ضمن مجلة المجمع، العدد 3، الجزء الأول، ص(384).

[27] ] التوبة: 60 [.

[28] وقد أشار لهذا القول الشيخ روحان أمباي، خلال مناقشته لأبحاث توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع، ص(4144).

[29] وقد أشار لهذا القول الشيخ آدم شيخ عبد الله علي، ود. وهبة  الزحيلي، خلال مناقشتهما لأبحاث توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع، ص(353، و407)، وقارن الأخير برأيه في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته، (3/ 1814).

[30] وهو اختيار د. حسين حامد حسان، وعز الدين توني، ضمن  مناقشتهما لأبحاث حكم استثمار الزكاة، ضمن أبحاث الهيئة الشرعية العالمية للزكاة، الندوة الثالثة لقضايا الزكاة المعاصرة في الفترة من 8-9 جمادى الآخرة 1413هـ/ 2-3 ديسمبر 1992م، ص(79و92).

[31] وهو اختيار اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، ينظر: فتاوى اللجنة، (9/ 454)، برقم90566، وقرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، في دورته الخامسة عشرة، ص(323)، ومجمع الفقه الإسلامي بالهند، الندوة 13، ص(241)، وفتاوى ورسائل سماحة عبد الرزاق عفيفي، (1/ 198)، وفتاوى أحكام الزكاة، لابن عثيمين، ص(478)، وأحكام الزكاة على ضوء المذاهب الأربعة، لعبد الله علوان، ص(97)، وبكر أبو زيد، وتقي عثماني، وخليل الميس، خلال مناقشتهم لأبحاث توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع، ص(418، و388، 393)، وحكم استثمار الزكاة، لعيسى زكي شقرة، ضمن أبحاث الهيئة الشرعية العالمية للزكاة في الندوة الثالثة لقضايا الزكاة المعاصرة، ص(76)، وفتوى الأطرم ضمن اللقاء السنوي الثامن للجهات الخيرية، ندوة فرص استثمارية.

[32] سبق بحث مسألة حكم استثمار الزكاة في بعض الرسائل  المستقلة كما أشرت عند عزو الأقوال؛ لذا آثرت ألا أعرض المسألة بذكر أدلة كل قول وما نوقشت به مكتفيًا بحصر أسباب الخلاف، وتوجيه القول المختار فيها، تقريبًا للمسألة، وحصرًا لمواضع إشكالاتها، وتسهيلاً على القارئ.

[33] ينظر: الموارد المالية لمؤسسات العمل الخيري المعاصر، دراسة فقهية تأصيلية، د. طالب الكثيري، ص(177-2011).

[34] ينظر: الموارد المالية لمؤسسات العمل الخيري المعاصر، دراسة فقهية تأصيلية، د. طالب الكثيري، ص(137-1611).

[35] ينظر: الزحيلي ضمن مناقشته لأبحاث حكم استثمار الزكاة، في الندوة الثالثة لقضايا الزكاة المعاصرة، ص(822)، واستثمار أموال الزكاة، للفوزان، ص(150).

[36] أخرجه البخاري في كتاب (24) الزكاة، باب (69) وسم الإمام إبل الصدقة بيده، ص(300)، برقم1502، ومسلم في كتاب (377) اللباس والزينة، باب (30) جواز وسم الحيوان غير الآدمي في غير الوجه، وندبه في نعم الزكاة والجزية، ص(878)، برقم2119.

[37] وهي الحديدة التي يوسم بها؛ أي يعلم، وهو نظير الخاتم، ينظر: فتح الباري، لابن حجر، (4/ 1388).

[38] المصدر السابق، والصفحة نفسها.

[39] الأموال، ص(701-702).

[40] أخرجه أبو داود في كتاب (4) الزكاة، باب (37) ما جاء في تعجيل الزكاة، ص(131)، برقم 6799، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، (1/ 305)، برقم1430.

[41] المعلم بفوائد مسلم، (2/ 8)، وينظر: إكمال المعلم، لعياض، (3/ 473)، ومواهب الجليل، للحطاب، (3/ 2544).

[42] الإنصاف، (3/ 188)، وينظر: الفروع، لابن مفلح، (2/ 413).

[43] (6/ 159).

[44] الموطأ، ص(209).

[45] الكافي، (1/ 320).

[46] (6/ 159-160).

[47] البكر بفتح الباء: الفتي من الإبل، بمنزلة الغلام من الناس، ينظر: النهاية، لابن الأثير، (1/ 1499).

[48] الرباعي: الذكر من الإبل إذا ألقى رباعيته، وذلك إذا دخل في السنة السابعة، ينظر: مختار الصـحاح، للرازي، ص(231)، والنهاية، لابن الأثير، (22/ 188).

[49] في كتاب (22) المساقاة، باب (22) من استلف شيئًا فقضى خيرًا منه، (وخيركم أحسنكم قضاء)، ص(653)، برقم16000.

[50] فتح الباري، (5/ 337).

[51] المغني، (2/ 532).

[52] أخرجه البخاري في كتاب (24) الزكاة، باب (68) استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل، ص(300)، برقم1501، ومسلم في كتاب (288) القسامة والمحاربين، باب (2) حكم المحاربين والمرتدين، ص(416)، برقم1077.

[53] أي لم يوافقهم طعامها، وأصابهم داء في أجوافهم، ينظر: فتح الباري، لابن حجر، (1/ 449)، وقارن بعمدة القاري، للعيني، (6/ 5700).

[54] الذود الإبل ما بين الثنتين إلى التسع، وقيل: ما بين الثلاث إلى  العشر، وقال أبو عبيد: الذود من الإناث دون الذكور، ينظر: النهاية، لابن الأثير، (2/ 171).

[55] ينظر: الأحكام السلطانية، للماوردي، الباب السادس عشر: في الحمى والإرفاق، ص(1855).

[56] ينظر: رأي في توظيف الزكاة واستثمارها، للخياط، ضمن مجلة المجمع، العدد 3، الجزء الأول، ص(3711).

[57] ينظر: استثمار أموال الزكاة، لشبير، (2/ 528).

[58] ينظر: مناقشة محمد رأفت ضمن أبحاث حكم استثمار الزكاة، في الندوة الثالثة لقضايا الزكاة المعاصرة، ص(944).

[59] ينظر: استثمار أموال الزكاة، للفوزان، ص(121).

[60] أخرجه البخاري في كتاب (34) البيوع، باب (98) إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه فرضي، ص(434)، برقم2215، ومسلم في كتاب (488) الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب (27) قصة أصحاب الغار الثلاثة، والتوسل بصالح الأعمال، ص(1096-1097)، برقم2743.

[61] الفرق بفتح الفاء والراء، وقد تسكن الراء: مكيال يسع ثلاثة آصع، ينظر: النهاية، لابن الأثير، (3/ 437)، وفتح الباري، لابن حجر، (7/ 1877).

[62] في كتاب (34) البيوع، الباب (98)، ص(434).

[63] في كتاب (46) المزارعة، الباب (13)، ص(460).

[64] ينظر: فتح الباري، لابن حجر، (5/ 158).

[65] في كتاب (61) المناقب، باب (28)، ص(746)، برقم3642.

[66] ينظر: فتح الباري، لابن حجر، (7/ 345).

[67] أخرجه مالك في الموطأ في كتاب (32) القراض، باب (1) ما جاء في القراض، ص(518)، برقم1396، والدارقطني في كتاب البيوع، (3/ 633)، برقم241، والبيهقي في السنن الكبرى، في كتاب القراض، (6/ 110)، وقال ابن كثير في كتاب مسند الفاروق، (1/ 356)، برقـم268: "وهو أصل كبير اعتمد عليه الأئمة في هذا الباب، مع ما يعضده من الآثار"، وصححه ابن حجر في تلخيص الحبير، (3/ 139).

[68] ينظر: توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع، لتيجاني صابون محمد، ص(336)، والتوجيه الاستثماري للزكاة، لفرح، ص(58-666)، ومصارف الزكاة وتمليكها، للعاني، ص(543).

[69] ينظر: مناقشة تقي عثماني ضمن أبحاث توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق، ضمن مجلة المجمع، العدد 33، الجزء الأول، ص(389).

[70] [الأنعام: ١٥٢].

[71] [النساء: ١٠].

[72] ينظر: مناقشة الزرقا ضمن أبحاث توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق، ضمن مجلة المجمع، العدد 33، الجزء الأول، ص(404)، ومجلة المجتمع الكويتية، فتوى لأبي غدة، العدد (793)، ص(35)، ومصارف الزكاة وتمليكها، للعاني، ص(545)، واستثمار أموال الزكاة، للفوزان، ص(128).

[73] ينظر: استثمار أموال الزكاة، لشبير، (2/ 529).

[74] ينظر: استثمار أموال الزكاة، لشقرة، ص(75).

[75] في مسنده، ص(1378)، برقم 19276، قال الذهبي في تنقيح التحقيق، (1/ 3333): "مرسل، ومجالد ضعيف"، وقد حكم بذلك البخاري كما في علل الترمذي الكبير، ص(100).

[76] الارتجاع: أخذ سن مكان سن، ينظر: تنقيح التحقيق، للذهبي، (1/ 3333).

[77] أصل السكة: الحديدة التي تطبع عليها الدراهم، ثم قيل للدراهم المضروبة سِكة؛ لأنها ضربت بها، ينظر: غريب الحديث، للخطابي، (11/ 456)، وغريب الحديث، لابن الجوزي، (1/ 488)، والنهاية، لابن الأثير، (2/ 384).

[78] في مسنده، ص(75)، برقم 628، وحسنه ابن حجر في مختصر زوائد مسند البراز على الكتب الستة ومسند أحمد، (1/ 6055)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، (4/ 527)، برقم 1904.

[79] حاشيته على الشرح الكبير، (5/ 456).

[80] ينظر: استثمار أموال الزكاة، للفوزان، ص(246).

[81] ينظر: فتاوى معاصرة، للقرضاوي، (3/ 256).

[82] العلوج جمع علج، وتجمع على أعلاج كذلك، والعلج: الرجل الشديد الغليظ، وقيل: هو كل ذي لحية، ينظر: لسان العرب، لابن منظور، (22/ 326).

[83] الخراج، لأبي يوسف، ص(24)، والأحكام السلطانية، للماوردي، ص(1744).

[84] ينظر: قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ضمن مجلة المجمع، العدد 3، الجزء الأول، ص(4211)، وقرار الندوة الثالثة لقضايا الزكاة المعاصرة التي نظمها بيت الزكاة بالكويت، ضمن أبحاث وأعمال الندوة، ص(323)، واستثمار أموال الزكاة، لشبير، (2/ 533)، ومصارف الزكاة وتمليكها، للعاني، ص(549)، واستثمار أموال الزكاة، للفوزان، ص(159)، بل جاء في فتاوى قطاع الإفتاء بالكويت، (14/ 70): "جواز استثمار الزكاة إذا استغنى المستحقون في العالم"، وفي (8/ 94) "ولم يخل بالتوزيع الدوري أو الطارئ للمستحقين".

[85] ينظر: الزكاة ورعاية الحاجات الأساسية الخاصة، لمحمد شبير، مقال نشر في مجلة الشريعة، ص(58)، العدد (144)، والآثار الاقتصادية والاجتماعية للإنفاق العام في الإسلام، لعوف الكفراوي، ص(42).

[86] أشار المحقق أنها في بعض النسخ: زالت.

[87] شغور الخِطة: أي خلو الأرض من الناس، ينظر: لسان العرب، لابن منظور، (4/ 417) و (7/ 2888).

[88] غياث الأمم في التياث الظلم (الغياثي)، ص(248).

[89] ينظر: الموارد المالية لمؤسسات العمل الخيري المعاصر، دراسة فقهية تأصيلية، د. طالب الكثيري، ص(1244).

[90] الموافقات، (2/ 13).

[91] ص(233).

[92] المجموع، (6/ 198).

[93] روضة الطالبين، (2/ 324).

[94] المجموع، (6/ 192).

[95] ينظر: بحث في وجوب إخراج الزكاة على الفور، لابن رجب، ص(128)، والإنصاف، للمرداوي، (3/ 188)، و1000 سؤال وجواب في العمل الخيري، لابن جبرين، ص(13، و20-21)، والفتاوى الجبرينية، له، ص(33)، وقرارات وفتاوى المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث، ص(44)، وفتاوى قطاع الإفتاء بالكويت، (10/ 102) بشرط عزل الزكاة عن ماله.

[96] ينظر: أعمال الندوة الثالثة لبيت الزكاة، ص(323)، ومشروع قانون  الوقف الكويتي في إطار استثمار وتنمية الموارد الوقفية، لإقبال المطوع، (673 - 706)، والفتاوى الخيرية، للقدومي، ص(32)، عن لجنة الفتوى بجمعية إحياء التراث الإسلامي، فتوى رقم (69)، بتاريخ 6/ 11/ 1415هـ، الموافق 6/ 4/ 1995م، ودليل التمويل الإسلامي، مقال مصرف في سبيل الله 1 - 2، لسعود الفنيسان، ص(182).

حقوق النشر محفوظة لدى موقع الشيخ طالب بن عمر الكثيري (©)